صحفيات فلسطينيات يغضبن ضد ”قرار ترامب” والتظاهرات تعيد صمودهن
الأكثر مشاهدة
وقف في مؤتمر صحفي، ليعلن للعالم أجمع "القدس عاصمة إسرائيل" غير عابئ بقرارات وقوانين دولية، ففي مساء الأربعاء 6 ديسمبر قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يزيد أوضاع الفلسطينين سوءا، وينحاز للمحتلين ومغتصبي الحقوق، فقرر نقل سفارة بلاده إلى "زهرة المدائن"، ليحقق سلاما مزعوما.
داخل غرفة الأخبار، التي تعمل بها ريم أبو لبن، مراسلة موقع الحدث الفلسطيني، إلى جانب ستة أخرين من زملائها يترجمون من العبرية ومراسلين، بعد التجهيز والإعداد لتغطية حدث كان متوقعا، ظلت ترصد الأخبار حتى جاءها التصريح "ترامب يعلن أن القدس عاصمة لإسرائيل"، حينها لم تتحمل "بكيت وأنا أكتب الجملة، وما عرفت أكملها"، لكن مهنتها أجبرتها على تنحية مشاعرها جانبا، لتنقل المعلومة والصورة بالشكل الصحيح.
شعور بالانكسار والهزيمة بددته تظاهرات الفلسطينين في المدن كافة، من القدس إلى الضفة الغربية حتى غزة، "التظاهرات بتعيد فيكي الصمود والثبات"، وبدأت تركز أبو لبن على عملها وتنشر على وسائل التواصل الاجتماعي هاشتاجات باللغة العربية والعبرية والإنجليزية تقول "القدس عاصمة فلسطين".
رغم ما تعتبره تدخلات وتحركات خجولة من الحكومات العربية، ترى الصحفية الفلسطينية المقيمة برام الله أن التحركات والهبات الدولية جاءت قوية وأكبر من سابقتها في السنوات الماضية، "لكن ما قامت به أمريكا مخالف للشرعيات والقوانين الدولية، ويجب أن يتم إتخاذ مواقف رادعة لها لا تقتصر على الشعارات فقط"، ولاحظت اعتراضات الشعب الأمريكي على قرار ترامب، وأيضا في لندن وأمريكا اللاتينية، وهي التحركات التي تعتقد انها سثير بلبلة وتضغط في اتجاه الرجوع عن القرار.
أتبعت صدمة القرار مظاهرات واحتجاجات للفلسطينين شاركت بها الفتيات والسيدات قبل الرجال، "الدفاع عن البلاد لا يقتصر على الرجال، مش اشي جديد مشاركتهن، دائما يخرجن للميدان وفي الواجهة"، ترى أبو لبن أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى قيادة ثابتة كما أبو عمار (الراحل ياسر عرفات)، وتؤمن "القرار ليس نهاية القدس، فهناك من يرابط ويقف بوجه المحتل، والشعب الفلسطيني بيقود نفسه بنفسه.. ليس أمامنا حل سوى المقاومة".
بعد أن أنهت مراسلة الجزيرة في القدس جيفارا البديري تقريرها عن قرار ترامب، كتبت على صفحتها على "فيسبوك" كلمات عبرت عن حزنها "لم أبك في حياتي حرقة كما بكيت هذه الليلة.. ليس غضبا من ترامب، بل غضبا من اثنين وعشرين نظاما عربيا.. بكيت قرفا من السعودية وأذنابها"، أحدث القرار ردود فعل دولية، فأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رفضه لإعلان ترامب، كما أعلنت السلطة الفلسطينية وقف الاتصالات مع المسئولين الأمريكيين، بينما صرحت الجامعة العربية بضرورة الإلتزام بحدود 1967.
بعد تواصل "احكي" مع أبو لبن، حاول رصد وقع القرار على صحفيات فلسطينيات اضطرتهن ظروف عملهن إعلان قرار يغتصب حقهن في دولة لها عاصمة، قالت رولا سرحان، رئيسة تحرير موقع الحدث الفلسطيني، "كنت أحاول أن أخيب ظني، قبل الإعلان، بأن الأمر لن يحدث، لكن السياسة الأمريكية تثبت في كل مرة انها منحازة لإسرائيل"، معتبرة أن الانحياز هذه المرة جاء مهينا لكرامة العرب، ويلمج إلى تسوية جديدة دون القدس، لذلك أثنت على التظاهر، ورأت ان الزخم في الشارع الفلسطيني والعربي سيحدث تغييرا كبيرا.
"صدمتني صراحة ووقاحة القرار وطريقة الطرح، رغم أنه كان متوقع" كزميلاتها الصحفيات، لم تخفف التسريبات من صدمتها بالخبر، فحين علمت به رفا مسمار، الصحفية والناشطة المجتمعية، انتابها الشعور بالخذلان والعار "عندما يقهر طموحك ودولتك وعاصمتك، تشعرين بأن الحلم انتهى والأمل بات يتبخر"، ولكنها قررت أن توجه غضبها تجاه قضيتها.
استخدمت رفا قدرتها على التواصل مع صحفيين وأصدقاء أجانب، وبدأت "تثأر" لقضيتها وتخاطب المجتمع الدولي بالحديث عن القدس ونشر الصور والمعلومات التي توضح أن قرار ترامب أسوأ من وعد بلفور، كما وصفت، "رفضت بريطانيا الاعتذار عن الوعد وكرمت نتنياهو بحفل المئوية، بعد سنوات نشوف الاحتفاء بالقدس عاصمة إسرائيل كأنه لا وجود لنا".
المعنى الإنساني والوطني للقدس، كان الرسالة التي قررت رفا أن يعلمها الجميع، فظلت على وسائل التواصل الاجتماعي تدافع عن حقها بالمقاومة والبقاء بوطنها والحصول على دولة وعاصمة، معتبرة أن الرد الحقيقي من الدول العربية والإسلامية هو محاسبة الولايات المتحدة اقتصاديا أو سياسيا لمخالفتها القانون الدولي.
"تظاهرات العواصم العربية عكست أننا لسنا وحدنا رغم غصة القرار"، فالمساندة الشعبية التي حظى بها القرار، تمنت رفا ان تكون دائمة لتضغط على الحكومات العربية، وتضطر جميع الدول إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وتذكرت سنوات مراهقتها "جربت بصغري وبالعشرينات ضرب الحجارة، أفضل الآن وأنا في الثلاثينات أن أخاطب المجتمع الدولي، وسأظل أتكلم عبر المنابر الدولية والمحلية أن فلسطين محتلة".
الكاتب
هدير حسن
الإثنين ١١ ديسمبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا